مزور لصحيفة "إلموندو": دعم مدريد للحكم الذاتي "ذو قيمة رمزية كبرى".. وعلى إسبانيا تسليم إدارة المجال الجوي للصحراء إلى المغرب

 مزور لصحيفة "إلموندو": دعم مدريد للحكم الذاتي "ذو قيمة رمزية كبرى".. وعلى إسبانيا تسليم إدارة المجال الجوي للصحراء إلى المغرب
الصحيفة - خولة اجعيفري (صورة elmundo)
الجمعة 5 دجنبر 2025 - 12:00

قال وزير الصناعة والتجارة المغربي رياض مزور إن المغرب على وشك إنهاء النزاع المفتعل حول الصحراء منذ 50 سنة، بفضل التحول الدولي الذي كرّسه قرار مجلس الأمن الأخير، فضلا عن دعم إسبانيا "المركزي والأساسي" لمبادرة الحكم الذاتي، مؤكدا أن "الصحراء أرض مغربية بلا أي شك" وأن الوقت قد حان لنقل إدارة المجال الجوي فوق الإقليم إلى الرباط باعتباره "حقا سياديا طبيعيا".

وبينما شدد مزور في حواره مع "إلوموندو" الاسبانية، على أن العلاقة مع مدريد تقوم اليوم على "ثقة تامة" وخارطة طريق واضحة، تجنّب بشكل صارم الاعتراف بسيادة إسبانيا على سبتة ومليلية، قائلا إن هذا الملف "ليس جزءا من نقاشاتنا" في تعبير إضافي عن مرحلة دبلوماسية مغربية تتقدم بثقة أكبر على جميع الجبهات، من السيادة الجوية والبحرية إلى التكامل الصناعي والموانئ.

وبالنسبة لمزور، فإن القرار الأممي الأخير هو لحظة مفصلية تُتوَّج فيها جهود المغرب وتحالفاته، وخصوصا بعد الدور الذي لعبته إسبانيا في تبني المجتمع الدولي لمبادرة الحكم الذاتي، فقد كان واضحا في قوله إن مدريد، التي "كانت القوة المديرة للإقليم حتى 1975" تعرف موضوع الصحراء "أفضل من أي طرف آخر" وإن موقفها الداعم لمبادرة الحكم الذاتي المغربية "حاسم" و"ذو قيمة رمزية كبرى" لأنه يصدر عن بلد ارتبط تاريخيا بالإقليم ويملك قدرة الإقناع داخل المحافل الدولية.

ورغم إشادته بدعم الولايات المتحدة، إلا أنه أعاد ترتيب الأولويات قائلا إن "الدعم الإسباني له رمزية أكبر'' لأنه ليس دعما عابرا بل تحول في عقيدة دولة جارة، وهو مسارا اعتبره ''ضروريا'' لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بعد الأزمة التي عرفها البلدان.

وأشار الوزير إلى أن التخلي عن الحياد تجاه الصحراء كان "شرطا أساسيا" لإعادة إطلاق الشراكة، لأن القضية بالنسبة للرباط ''مسألة سيادة'' ولا يمكن بناء علاقة إستراتيجية مع مدريد من دون احترام كل طرف لأولويات الطرف الآخر، وفي نظره، هذا التفاهم لم يكن فقط مدخلا لعودة العلاقات، بل أصبح الإطار المرجعي الذي يتحرك في ظله كل تنسيق مستقبلي.

وفي ما يشبه انتقالا من المستوى السياسي إلى السيادي المباشر، تحدث مزور عن واحد من أكثر الملفات التقنية حساسية وهي تدبير المجال الجوي فوق الصحراء، والذي تديره حاليا جزر الكناري إذ لم يوارِ رغبته في أن تتحول هذه المسؤولية إلى الرباط، معتبرا أن "البلد الذي يملك السيادة على منطقة ما يجب أن يدير مجاله الجوي والبري والبحري بنفسه" كما شكر إسبانيا على توليها هذه الإدارة سابقا، قبل أن يضيف أن المغرب "أصبح اليوم قادرا بشكل كامل" على تحمل هذا الدور، ولدى سؤاله بشكل مباشر عمّا إذا كان ذلك يعني اعترافا مباشرا بأن الصحراء أرض مغربية، جاء جوابه سريعا وقاطعا "طبعا، دون أي شك".

وعندما حاولت الصحيفة، استدراجه إلى التفاعل مع تحذيرات جبهة البوليساريو التي هددت بأن نقل إدارة المجال الجوي سيُنظر إليه كخطوة "تستهدف جزر الكناري" تجاهل مزور الأمر كليا قائلا: "ما تقوله البوليساريو ليس مهما بالنسبة لي" مضيفا أن العلاقات بين الرباط ومدريد تقوم اليوم على "ثقة كاملة" وعلى "خارطة طريق واضحة" يتقدم فيها البلدان نحو مستقبل مشترك لا نحو الاتهامات والضغوط.

ومع توسع الحوار ليشمل ملف الجمارك في سبتة ومليلية، بدت "إل موندو" مصرة على ربط بطء عودة حركة السلع بتردد المغرب في الاعتراف بحدود المدينتين، وهنا ردّ الوزير كان ثابتا في كل مرة "هذا الموضوع ليس ضمن نقاشاتنا الآن" ورغم تكرار السؤال بصيغ مختلفة، ظل مزور يكرر العبارة نفسها قبل أن يضيف في لحظة لافتة، تساؤلا مضادا "هل أفتح أنا موضوع جبل طارق؟" وكان هذا الرد بمثابة تأكيد دبلوماسي على أن الرباط لا تقبل جرّها إلى نقاش السيادة في توقيت تُعيد فيه بناء شراكتها مع مدريد على أسس جديدة، لكنه، في الوقت ذاته، حرص على التأكيد أن مرور السلع "يحترم الاتفاقات" وأن الطرفين يعملان على تحسين الجوانب التقنية، لأن "لا رغبة لأي طرف في القيام بشيء غير إيجابي".

الحوار تطرق أيضا إلى موضوع توسيع المنطقة الاقتصادية البحرية للمغرب، وهو ملف حساس خصوصا في ظل وجود جزر الكناري وقرب السواحل الإسبانية، وهنا الوزير تجنّب أي لهجة تصعيدية، مكتفيا بالقول إن الأمر "جزء من نقاش تقني سيُحسم بين الخبراء"، وإن المغرب "سيصل دائما إلى حل عادل ومنصف للطرفين".

وفي ملف الهجرة إحدى أبرز نقاط التوتر في الذاكرة المشتركة بين البلدين، رفض الوزير بشكل قاطع ما يروَّج في بعض الأوساط الإسبانية من أن المغرب يستخدم الملف كورقة ضغط، حيث قال: "لا، أبدا المغرب يقوم بدوره بشكل هائل لمحاربة الهجرة السرية" مضيفا أن البلاغات اليومية والتنسيق الأمني يُثبت أن الرباط "تقوم بما يجب القيام به" وأن ما جرى في أزمة "تاراخال" كان درسا للجميع، وأن المغرب تصرف وقتها "بمسؤولية كبيرة".

الحوار لم يبتعد عن الجانب الاقتصادي الذي يشكل عصب العلاقة الجديدة بين الرباط ومدريد، فقد تحدث الوزير عن "فرص كبيرة" في طريق النمو، وعن كون المغرب أصبح "الشريك الثالث لإسبانيا خارج الاتحاد الأوروبي" بينما تبقى إسبانيا "الشريك الاقتصادي الأول للمغرب".

وأبرز أن الصناعة المغربية والإسبانية تتكاملان إلى حدٍ يكاد يُنهي فكرة الحدود "منصتنا الصناعية واحدة" قالها بوضوح "معظم قطع السيارات التي يدخلها المغرب تأتي من إسبانيا، ومعظم ما تستعمله المصانع الإسبانية يأتي من المغرب، وهذا عظيم"، وهو يرى أن هذا الاندماج ليس مؤقتا، بل يمثل حجر زاوية في المرحلة الاقتصادية المقبلة.

وفي حديثه عن الموانئ، استعرض الوزير بدقة البنية التحتية التي يبني عليها المغرب استراتيجيته الإقليمية أشار إلى أن ميناء طنجة المتوسطي "يتكامل تماما" مع ميناء الجزيرة الخضراء الإسباني، وأن ميناء الناظور "سيبدأ قريبا" ويلعب دورا حاسما، وأن ميناء الداخلة "سيكون ميناء رائعا"، وسيعزز صلات المغرب مع إفريقيا.

ووسط كل هذه التفاصيل، حرص الوزير على إبراز الفلسفة العامة التي تؤطر المرحلة في قوله: "عندما تكون إسبانيا بخير، يكون المغرب بخير"، وهي عبارة مليئة بالدلالات، وكرر أن البلدين لا يريدان فتح "ملفات خلافية" في توقيت يشهد تعاونهما فيه تقدما ملموسا.

ومع ذلك، لم يتراجع قيد أنملة عن ثوابت المغرب، خصوصا عندما طُرح السؤال حول الاعتراف بسيادة إسبانيا على سبتة ومليلية، حيث ختم الحوار بالعبارة نفسها التي بدأ بها "هذا الموضوع ليس جزءا من نقاشاتنا.. نحن نتحدث عما يمكن بناؤه الآن، وما سيحدث في المستقبل سنراه حين يأتي أوانه".

ما يجب قوله للإسبان في مدريد؟

في الوقت الذي تعقد فيه الحكومة الإسبانية ونظيرتها المغربية، اليوم الخميس، بمدريد الدورة الثالثة عشرة من الاجتماع الرفيع المستوى، مع ما يعكس ذلك من تطور كبير في العلاقات الثنائية بين ...

استطلاع رأي

مع قُرب انطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم "المغرب2025".. من تتوقع أن يفوز باللقب من منتخبات شمال إفريقيا؟

Loading...